الإنسان ! ذالك المخلوق العجيب أوجده الله من العدم وأعلمه مما خلقه و مصدر تكوينه . و فضله على سائر المخلوقات ليختاره خليفة له في الأرض لأعمارها و إحقاق الحق فيها .
والدليل على هذا الكرم الإلهي أن أمر الله عز و جل الملائكة بأن يسجدوا ، إكراما و تقديرا ، لهذا المخلوق الذي سيكون له دورا وشأنا على كوكب الأرض ، مزودا إياه بكل أسباب النجاح ...
عقل يميزه عن سائر المخلوقات واضعا إياها في خدمته و تحت تصرفه وخيرات لا تنضب ، المجهول منها أكثر ما يعلم عنها ، و يقف الإنسان عاجزا حتى الآن الإلمام بما يخزنه هذا الكوكب من خيرات و ثروات ، تجف أقلام مدادها بحار حتى ولو أضيف لها المحيطات وغير المحيطات ، قبل إتمام عملية جرد أو سرد تلك الثروات ...
لكن ، الإنسان "استغول" وتكبر وتجبر ونشر بدل ذالك الفقر و الجوع والجهل والظلم والرذائل بكل أصنافها.... ومنهم من "تفرعن" وقال "أنا هو رب الأعلى " ،قبل أن تلفقه الأمواج ليصبح "مومياء" يتفرج عليها المتفرجون ، إلى حين ...
ومنهم من طغى وبغى وأخذته العزة بالإثم وادعى أنه باستطاعته أن يحي و يميت ، قبل أن تقضي عليه كائنات بحجم الذباب لتتركه عبرة للجبابرة لاحقين ...
ومنهم من أطلق على نفسه ألقاب تختلف في الألفاظ لكنها متوحدة في معاني التجبر والتسلط ... من "الفوهرر" الذي أراد تنصيب نفسه إمبراطورا لعشرة قرون ، حتى و لو على محيطات دماء و جبال من جماجم العباد ، قبل أن تنسفه في النهاية رياح تلك النيران الذي كان يتلذذ في نفخها...
ومنهم من نصب نفسه "إمبراطورا بمختلف الأسماء و الألفاظ " و لا يجد حرجا في التلذذ بالاستمتاع بصرخات آلام رعية أنهكها الجوع والتعب و المرض وهي تنظر لموائد يمكن أن تكون فضلاتها كافية لإسكات صرخات بطون ودموع عيون ...حتى و لو أدت تلك الصرخات والأوجاع إلى لحظات يأس يتبعها انتحار للذات وحرق للأكباد ...
لقد فشل الإنسان في مهمة كلفه بها الخالق ، وأسباب الفشل واضحة : انتشار الفقر و الجوع يقابله تبذير فاحش وبدون وجه حق لثروات من المفروض انه مؤتمن عليها بموجب تلك المهمة الإلهية ، نشر الحروب وسفك الدماء وقتل الأنفس بغير وجه حق ، كوكب على شفرة الانفجار والاندثار بما يصنع و يخزن بأياديه من أسلحة فتاكة تقضي على الكوكب و من عليه في رمشة عين ... كان بالإمكان أن تكون تلك الطاقة مصدر من مصادر رفاهية هذا الكوكب و كل من يعيش عليه ...
بماذا سيدافع هذا الإنسان يوم وقوفه أمام العدالة المطلقة لتقديم عرضا عن المهمة التي كلف بها ، يوم تنشر فيه الصحف الموثقة و الملطخة بدماء سفكت بالباطل و بآهات المظلومين وصرخات البطون الجائعة ودموع المحرومين والمعذبين في غياهب بطشه و جبروته ....
حمدان العربي
08.02.2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق