آخر المقالات

الجمعة، 5 مارس 2010

نبش في ذاكرة : " الورثة الحقيقيون" !



لا أعرف السبب أن كل ما أرد ت النطق كلمة "وطن" أو "أوطان" تسبقني كلمة "عقار" . حتى أصبحت أخشى من الملاحظات الساخرة للأصدقاء وهم يسألونني إذا كنت أقصد "وطن" أو "عقار"...
رغم الفرق شاسع بينهما، لأن الوطن لا يمكن بأي حال من الأحوال يتساوى في القيمة المادية و المعنوية لعقار ، الذي يمكن الحصول الفردي عليه عن طريق عملية بيع ،ارث ،هبة...الخ.   عكس الوطن الذي لا يمكن بيعه أو التنازل عنه للغير ، أو يكون ارث يتنازع عليه ورثة يوم ينتقل صاحبه إلى الرفيق الأعلى  ...
أقصى موقف وقعت فيه يوم زرت موثقا ، وبعد أن سألني عن سبب المجيء ، فبدل أن أقول له "جئت أوثق عقار" قلت "جئت أوثق وطن" ...فإذا بالرجل ينفجر ضاحكا ، ويبدو أنه لم  يضحك لمدة طويلة ، وبعد أن هدأ ،قال لي بسخرية وتهكم  " أنا لا أوثق الأوطان وإنما العقار.." ، مضيفا ، لولا  هيئتي التي تبدو محترمة ، كما قال ،  لظننت أنك مجنون تستحق الحجر  عليك.  
وبعد أن شرحت له حالتي و زلة اللسان التي تراودني  بسبب  مشكل في الذاكرة التي أصبحت لا تفرق بين العبارتين ،  علق على ذالك بسخرية أكثر قسوة ،  إذ قال "إذن ،  عليك  مراجعة ذاكرتك   و إعادة برمجتها ، ربما أصيبت بهجوم فيروسي كالتي نسمع عنها كثيرا ..."   .  
تذكرت كل ذالك ، وأنا أطالع خبر منشور على إحدى وسائل الإعلام العربية  على  أحد الذي ما يزال يؤمن بأنه الوريث الوحيد و الشرعي  لعرش العراق المنهار . وحلمه الوحيد أن يجلس على ذالك العرش حتى ولو لم يبقى منه إلا أطلال يحتاج من يبكي على حاله  دماء بدل الدموع .
ذالك "الوريث" العائد  بعد غزو و احتلال العراق ، الذي رفض الاحتلال  أن يشركه  في  مجلس الحكم المنصب   كواجهة  لحكم البلاد بعد الغزو و الاجتياح  عام 2003.  كما أنه   لم ينل ولو  مقعد  في انتخابات عام 2005..
رغم ذالك ، فهو مؤمن بأن العراق  ميراثه  غير قابل للنقاش وأقل شيء  ، لمسايرة الواقع ،  القبول بقاعدة "أملك و لا أحكم " أو بعبارة أخرى "الملكية الدستورية" ، المعمول بها في البلد القادم منه ، في انتظار الأفضل ... ولتأكيد على هذا الحق أكد أن العائلة توصلت إلى قرار نهائي عام 1991 بأنه هو الوريث  الوحيد لهذا العرش في مواجهة وريث  أخر من المفترض أن يطالب هو أيضا  بحقه في الميراث  . ..
قبله أيضا ، دخل مع دبابات الاحتلال وريث أخر ، رغم أنه  لم  يطالب بالعرش وإنما بنصيبه القانوني فقط  من ميراث  يتساوى مع ما قدمه من خدمات  في عملية "تحرير العراق" . حتى أنه طمأن الاحتلال ، في الأيام الأولى لسقوط بغداد  بأنه هو وبفضل معلوماته عن النظام عندما كان على رأس  المخابرات العراقية ، سيلقي ويسلم لهم  على طبق من ذهب "صدام حسين "  المختفي ...
أكثر من ذالك ،  تباهى علنا أنه كان يتآمر على ذالك النظام وهو في هرم السلطة وقدم خدمات استخباراتية  جليلة لخصوم النظام ... كل ذالك لم يشفع  له عند الورثة الآخرين ، ليجد نفسه في قائمة "الاجتثاث" ليعود مسرعا في جنح الليل  إلى من حيث أتى ، ربما لأخر مرة ، و بدون أن يكون له نصيب من "الميراث"...  


حمدان العربي
05.02.2010

ليست هناك تعليقات: