العراق
، ينطبق عليه تماما قصة من أعماق تاريخ تداولت من جيل إلى جيل ،لا يعرف
بالضبط إن كانت قصة حقيقة أم مثال ، لكنها في كلتا الحالتين قصة تعبر عن
واقع حال خلاصتها "كما تدين تدان...".
القصة
، شيخا وصل به العمر إلى حد أصبح لا يستطيع التحرك بالإضافة إلى فقدانه
البصر ، فأراد ابنه التخلص منه ،بتحريض من زوجته ، مدعيا أنه سيحمله
في نزهة و رماه من أعلى إحدى الجبال ...
وبقى
ذالك سيناريو يتداول من جيل إلى جيل ، كلما كبر الأب وفقد البصر حمله
الابن لتخلص منه في نفس المكان وبنفس الأسلوب . إلا أن في إحدى المرات
عندما أراد أحد الأبناء التخلص من أبيه بنفس السيناريو ، مدعيا أنه
سيحمله في نزهة ،فقال له الشيخ" نفس نزهة أجدادك" ، وهنا توقف الابن
وعندما عرف القصة ، وكان الابن على مستوى معين من العلم والثقافة ، رده
إلى البيت مخيرا زوجته بين والده و الطلاق. وبالفعل مات ذالك الشيخ في رعاية ولده ودفن ودفنت معه تلك العادة السيئة .
مسؤولون
العراق الحاليون الذين يرقصون على جثث خصومهم بعد شنقهم صباح الأعياد و
غير الأعياد وتشويه جثث الأموات وتصويرها والتشفي بها ، بدون أدنى شك
سيلقون نفس المصير ، على منوال تلك القصة ...
كان
من الممكن فتح صفحة جديدة ودفن ذالك الحب في الانتقام كما دفنت تلك العادة
السيئة مع ذالك الشيخ ، أو كما حصل في جنوب إفريقيا من طي تلك الصفحة
السوداء ، رغم أن لا يمكن المقارنة بين نظام "الأرباتيد" البغيض ونظام
صدام حسين.
لأننا
لم نسمع أن صدام حسين خصص شارع لطائفة لا تمر منه طائفة أخرى ، أو حافلة
ركاب ينهض الشخص عندما يصعد شخص من طائفة معينة. بل كنا نسمع أن العراقيين
بجميع طوائفهم ينامون وأبواب بيوتهم مفتوحة لا يجرئ أحد الاقتراب منها .
ولا أحد كان يجرئ المجاهرة بطائفته...
الزعيم
مانديلا الذي قضى وراء القضبان التمييز العنصري أكثر مما قضه حرا طليقا ،
رغم ذالك وبعقله الكبير كان يدرك أن الدولة لا تبنى على الانتقام و الدماء
ومن كان أوله دما فاخره أنهار من الدماء و الدموع ، لذالك رضي أن يكون
سجانه بالأمس نائبه و شريكه في الحكم ...
ومن
قبل كان في نبينا وحبيبنا رسول الله محمد، صلى الله وعليه و سلم، عند
فتحه مكة المكرمة والصفح عن الذين كانوا ألد الخصوم يريدون به شرا ،
درسا وقدوة و أحسن مثال على أن الأحقاد و حب الانتقام لا تبنى عليها
مستقبل الشعوب و الأمم ...
حمدان العربي
27.01.2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق