منذ أن أرسل الإنسان إلى الأرض لأعمارها وإحقاق الحق فيها ،وإيفاء الكيل و الميزان في الأسواق ،كان الزبون هو الملك ،لأن لا يعقل تجارة أو أسواق بدون زبون ... أو عرشا بدون ملكا، أو فرقة موسيقية بدون قائد أوركسترا ...
لكن يبدو أن هذا الزبون أقصي ،أو بالأحرى أقصى نفسه عن عرشه لصالح التاجر ،أين أصبح هذا الأخير الآمر بأمره ، وما الزبون أمامه سوى كيسا من النقود ، أو جيبا "يدس" فيها يديه ،بالباطل، متى شاء وكيفما شاء ...
وأنا أتكلم عن أسواق عالمنا العربي الإسلامي ، وعلى الأقل التي أعرفها ،رغم إني متأكدا أنها واسعة الانتشار...
لأن أسواق العالم الغربي الزبون لم يعد ملكا بل رقي إلى إمبراطورا ، تفرش له "الفرشة" الحمراء و تنحى أمامه الرؤوس ، ولم ينقص سوى فرق موسيقية على جوانب تلك "الافرشة" لأداء له "ألحان الشرف " عند قدومه أو خروجه من تلك المتاجر و الأسواق .
تاجر تحكمه ثلاثة ضوابط : أولاها عوامل التجارة وأخلاقها ، ثانيا الزبون نفسه ، لا يرضى أن يمس عرشه بأي من الأحوال ، ثالثا ، صرامة المراقبة... للأسف ثلاثة عوامل لا نجدها فعالة في أسواقنا ،إن لم نقل منعدمة...
أزداد غيظا كلما زرت ، مكرها، أسواق على عروشها تجارا ،بعضهم، يرى في التجارة "غزوات" والزبائن وجيوبهم غنائم ...
أكثر من ذالك و من الوقاحة أن بعضهم وصل بهم الأمر إلى بيع مواده من الخضر و الفواكه ،و ما شابه ذالك ، ثلاثة أرباعها أتربة أو قشور أو لا تصلح أصلا أن تكون في السوق .
و أكثر ،أكثر من ذالك أن بعضهم لا يرضى أن يرى الزبون " ميزانه " ، إن قلنا ميزنا ، لأن أغلبها لا ينطبق عليها شروط "المقياس و الميزان" ...
وان تجرأ زبونا و طلب رؤية ذالك الميزان "المخفي" ، أو النوعية التي اختارها له التاجر بنفسه ،ولا دخل للزبون في ذالك ، كان ذالك انتهاكا و تشكيكا في "مصداقية" التاجر...وسبب انفعاله ،إن لم نقل أشياء أخرى...
وكان عليه أن يتصور، هو أيضا، أن يقبض "الدراهم" من الزبون بدون أن يراها أو يعدها ، لتكون الثقة متبادلة... و يبقى السؤال "متى سيعود الزبون إلى عرشه" أو بالأحرى متى سيطالب به ...
حمدان العربي
06.09.2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق