الآن، فهمت ،عمليا ، لماذا الله، عز وجل، يسلط على عباده الجبابرة، من أمثال"فرعون" وعلى أشكال "فرعون" ، لأن ببساطة كلنا جبابرة ، (إلا من رحم ربي ) ، وكل واحد جبروت على حد "مقاسه" وفي ميدان اختصاصه...
تذكرت ذالك وحادثة منذ كنت صغيرا و هي منبوشة في ذاكرتي، عندما كلفني والدي باستخراج لهما وثائق إدارية من مكان ولادتهما في إحدى المناطق البعيدة و النائية...
كنت ، وقبل أن تفتح المكاتب أبوابها حاضرا وإذ بحاجب واقفا بحزم بنظرات "استعلائية" وصرامة في المنظر ، لا يرد السلام ،وعندما علم بسبب وجودي ،ضحك ضحكة استهزاء وقال لي أنظر من خلفك كل هؤلاء لا يمكن لهم استخراج وثائقهم لأنهم لم يأتوا في الوقت المناسب ؟
فنظرت من خلفي وإذا أرى طابورا طويلا من الناس …سألته أي وقت مناسب ،منتصف الليل ... ! ، فرد هذا ليس "شغلي"…
المهم تمكنت ،بصعوبة وبطرق التفافية ، من تجاوز ذالك الحاجب أو "الحاجز" واستخرجت تلك الوثائق ، لكي لا أعود ، بعد كل تلك المشقة ، خاويا اليدين …
لكن ما حز في نفسي وبقت منقوشة في ذاكرتي من مشهد ذالك الطابور الطويل من الناس ، ذالك الشيخ الهرم الجليل ،الذي عليه هو أيضا العودة من حيث أتى لنفس السبب...
لقد طلب مني ذالك الشيخ مساعدتي لتجاوز ذالك الحاجب "المتجبر" ، شارحا لي كيف ، ومنذ أسابيع قاطعا مسافات طويلة ليستخرج وثائق حفيدته من اجل الامتحانات ،لكن ذالك الحاجب يمنعه من الدخول،في كل مرة ، بنفس الحجة الذي قالها لي...
أسفي ، إنني كنت عاجزا أن أمد يد المساعدة إلى ذالك الشيخ الذي يبدو عليه المرض والتعب ، (كانت العين بصيرة ولكن اليد قصيرة ) ... وأنا على يقين ، جبروت وقسوة فرعون كانتا "ستخران ساجدتين " أمام حالة ذالك الشيخ...
حمدان العربي
17.07.2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق