كلما تذكرت أم عدنان ، تذكرت الثنائي " سايكس-بيكو" ،وازداد إعجابا واعترافا بخبرتهما العالية وعبقريتهما في ميدان "الجيو- حدودي" رسم و تعليم الحدود ، التي لا تزعزعها يد إنسان أو رياح أو عواصف عاتية ...
تذكرت قصة تلك المرأة الفلسطينية ، أم عدنان ، التي أصابها الزمان بضره ثلاثة مرات، المرة الأولى تهجيرها من وطنها ودارها و فناءها وحيها وجيرانها و أهلها و أحبائها ومن تلك الساقية التي كانت تتجمع حولها مع نسوان القرية كل صباح ...
المرة الثانية، عند سقوط بغداد وسقط معها باب الأمان وتعرت الأعراض وبكت عيون بلا دموع ، لأن الدموع جفت من كثرة و طول البكاء... وجاء وقت تهجير أخر اشد فتكا و حقدا ...
المرة الثالثة ، عندما انغلقت تلك الحدود في وجهها ورفضت توسلها ورجائها من اجل العبور تلك الأمتار القليلة لتنجو من لهيب و جحيم نار الحقد الذي يطاردها من الخلف أو لهيب و قسوة المخيم الصحراوي المقيمة فيه انتظارا لفرج تراه قريبا و هو بعيدا...
نعم ، لقد جاء الفرج من بعيد ، من "سان باولو " ، ومن لا يعرف "سان باولو" ، عليه قلب الكرة الأرضية رأسا على عقب ليرى مكانها...وهاجرت أم عدنان الهجرة الثالثة ، حيث لا أهل ولا أطلال أهل لكي تتمكن من البكاء عليها تخفيفا للآلام و شوق وحرقة الفراق.
أم عدنان ، لن تستطيع نسيان فلسطين و لا بغداد ولكنها أيضا لن تستطيع نسيان ذالك المخيم ،ليس حبا أو حنينا، رغم انه أواها في وقت رفضت كل الحدود أن تحن لحالها وحال أولادها ، وإنما ستبقى تتذكره لأن أم عدنان فقدت فيه ابنها وفلذة كبدها و أمالها عدنان ... وفقدت معه أم عدنان الوطن و الوطن البديل ، لكنها تشكر سان باولو وتحاول نسيان حدود "سايكس –بيكو"...
حمدان العربي
14.11.2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق