" مجموعة أهم الأحداث" : عجبا من ذالك الطبيب النفساني الذي اقترحه علي المحيطين بي . لأن على حسب رأيهم حالتي النفسانية غير مطمئنة ، وهي تزداد سوءا .حتى أني شعرت بالفزع والرعب ، عندما قالوا لي إني على خطوات قليلة " من الولوج في عالم اللامعقول " ...بالمعنى الغير الديبلوماسي ، الولوج في "عالم الجنون"...
حدد لي ذالك الطبيب "جلسة استماع" بحضور طيف من مساعديه ، كأنها جلسة تقرير المصير ، إما البقاء في عالم "المعقول" أو يتم تحويلي إلى نقيضه ... طلب مني الطبيب استعراض وضعي النفساني ومسببات ذالك ،فقلت : الحالة تنتابني كلما مشيت في الشوارع وأرى "قشور" الموز من أمامي ومن خلفي ، وعلى يميني أو يساري سيارات تمشي لوحدها ، لأن سائقيها منشغلين بآخر تكنولوجيا "الهواتف النقالة" وباليد الأخرى تشغيل أجهزتهم لتشغيل الأشرطة للاستمتاع بأغانيهم المفضلة ... لتصبح المارة كأنها في ساحة قتال أو ميدان ألغام مضادة للأفراد ، كل خطوة تحسب لها الف حساب خوفا من انفجارها تحت أقدامها ...
وتزداد حالتي سوءا في المساجد وأصوات الهواتف النقالة ، التي لا تنقطع ، ولكل هاتف مقطعه الغنائي المفضل ... والإمام وهو يخصص خطب كاملة لينبه فيها المصلين بذالك مذكرا أيضا بقواعد النظافة في المساجد وبما بما يفعله بعض المصلين في هذا المكان من المفروض انه اطهر مكان. وأجد نفسي تكلم نفسها إذا كان هذا هو حال المصلين فما بال الغير ذالك...
ثم سألني الطبيب ، هل هذا هو السبب الوحيد ،أجابت ، هناك المزيد . كلما هممت بزيارة الأسواق أجد نفسي مرتعدا مراجعا سلامة جيوبي من كل ثقوب ... فقاطعني الطبيب ، هل تخشى اللصوص ؟ أجابته هناك من هم أخطر من ذالك بكثير ... ويبدو انه فهم المقصود ، لأنه لم يطلب توضيح أكثر...
ثم استوي في جلسته ،سائلا ، في أي فصل تزداد حالتك سوءا ؟ أجابته : فصل الصيف ، نعم فصل الصيف وافتتاح مواسم الأفراح و الأعراس و الليالي الطوال . قلت فصل الصيف وتلك الليالي الطوال والمكبرات الصوت التي تجبر الجميع على الحضور قسرا وعن بعد تلك الأعراس "منهم : الرضع ، المرضى ، المسافرين ، التلاميذ و الطلاب ، العمال و الموظفين ... الذين عليهم أن يرتاحوا ليستيقظوا مبكرين...".
كيف يتم لهم ذالك و هم مدعوون قسرا "للاستمتاع" مع صاحب ذالك العرس ورغم انفهم عليهم التجاوب مع تلك النغمات الصاخبة و تلك الأصوات المزعجة التي ترسلها في الهواء الطلق تلك الآلات الموسيقية الضخمة و التي لا يردعها لا سمك الجدران العازلة و الغلق المحكم للنوافذ... ولا وضع الرؤوس تحت "الوسائد"... وأجد نفسي مرتعدا و أتصبب عرقا عند كل دقة جرس الهاتف أو الباب وأحسبها دعوة استدعاء (عفوا حضور) عرسا من تلك الأعراس ، ولكل يوما عرسه ...
قاصيا عليه قصة الديك الذي نجا بأعجوبة من حبل المشنقة في احدى البلدان الأوروبية … ويبدو أن الطبيب بدأ يشك في سلامة عقلي عندما قلت له ذالك لكن عندما انتهيت من القصة ضحك ضحكا بطريقة عجيبة جدا ، معقبا على ذالك قائلا : "كم من ديوك عندنا عليها المرور بأحبال المشانق"... وهنا استوقف الطبيب الجلسة ، قائلا أن كل أعراضك تبين أنك مصاب "بالمعقول" في عصر "اللامعقول"... وعليك الاختيار أي عصر تريد ؟ ...
حمدان العربي الإدريسي
06.11.2009
تعديل : 19.11.2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق