الافتتاح

لا تزال كتابة تاريخ الشعوب و الدول الإسلامية منذ نشأتها حتى الوقت الحاضر ضربا من المحاولات الخطرة لأن المصادر مثل التاريخ لم تصبح بعد في متناول البحث ، ولم تخضع بعد للتحليل النقدي ،و لا يجرؤ فرد واحد للنهوض بهذا العبء . و مع ذالك فمن الأحسن ،فيما يبدو ،أن نقدم للمعنيين بمسائل السياسة الدولية نظرة عن مصالح المسلمين التي تتشابك اليوم بأحداث العالم على العموم أكثر مما تتشابك في أي وقت مضى ،و التي لا يمكن أن تعرض إلا عرضا أبتر ناقصا في كتب المراجع ، و التاريخ العالم عامة.
ولقد حاولت أن أقدم إلى قراء هذا الكتاب، بالإضافة إلى التاريخ السياسي، لمحة عن حياة الثقافية و الفكرية بقدر ما يسمح به مجال هذه الصفحات المحدودة
و بدون شك أن الخرائط الأولية التي يجدها القارئ في هذا الكتاب لا يمكن أن تغنى عن الأطلس التاريخي الذي لا تزال الدراسات الإسلامية مفتقرة لإبراز للقارئ الخطوط الكبرى التي انبسط فيها هذا التاريخ و ازدهر ،أما لوائح المصادر فلم تضمنها إلا المراجع الحديثة الأكثر أهمية ، و لكننا أشرنا ،هنا و هناك ،إشارات مباشرة لبعض الدراسات المفردة في الهوامش ، و لست بحاجة إلى القول لزملائي المتخصصين أنهم يجب ألا يتوقعوا في هذا الكتاب لوائح شاملة بمصادر التاريخ الإسلامي . ومهما يكن من أمر فإنهم سيدركون في غير ما صعوبة ،أي العلماء، بأني مدين دينا كبيرا ،و مع ذالك فأحب ألا أغفل الإشارة خاصة إلى آثار " ولهاوزن " و" مينور ويتك" ، عن الإمبراطورية العثمانية


كارل بروكلمان
مستشرق ألماني –صاحب الكتاب الشهير-
تاريخ الشعوب الإسلامية